RSS

قراءة في كتاب “النبوغ المغربي في الأدب العربي” للأستاذ عبد الله كنون

15 جوان

قبل الحديث عن تجليات المنهج التاريخي في كتاب “النبوغ المغربي في الأدب العربي” ، لابد في البداية من الإشارة إلى واقع الدراسة الأدبية في المغرب قبل عبد الله كنون ، ذلك انه » من الصعب بمكان الحديث عن دراسة أدبية واضحة المعالم ، تستند إلى تصور منسجم ومتكامل للإبداع ، مع بداية القرن الحالي ، وإلى أواخر سنوات العشرين ، سواء على مستوى النقد ، أم على مستوى تاريخ الأدب. إذ إن أغلب ما نصادفه في هذه المرحلة ، لا يعدو بعض الخطرات النقدية ، والتحليات والتقريظات ، التي كانت تنشر على أعمدة بعض الصحف كالسعادة«.
حيث نجد أن الإرهاصات الأولى للنقد الأدبي المغربي تتخذ »شكل المسامرة من حيث صيغة تصريف الحديث وإطاره الزمني قبل أن يصبح المقال السيار هو القالب المفضل. ومن أولى هذه المسامرات كتاب “مسامرة الشعر والشعراء” للشاعر عبد الله القباج. وقد نشرت لأول مرة بجريدة “السعادة” يوم 22 فبراير 1923 ،وصدرت بعد ذلك في كتاب عام 1928. وتستعيد المسامرة تقاليد التأليف وأساليبه في المقامات ، والتوابع والزوابع لابن شهيد ، وكتب طبقات الشعراء. وتلتها مسامرات أخرى من مثل : “تاريخ الشعر والشعراء بفاس” لأحمد النميشي وقد صدرت عام 1925 بمطبعة أندري بفاس.وكان المؤلف قد ألقاها بنادي المسامرات من المدرسة الثانوية بفاس يوم الأربعاء17 ديسمبر سنة 1924. و”الكتابة والكتاب” لعبد الحميد الربدي 1924 عن المطبعة الحجرية بفاس وكانت قد ألقيت يوم 13 ماي 1923. و”تطور أسلوب الإنشاء في المغرب الأقصى”لمحمد الحجوي 1933 وألقيت في الأصل في المؤتمر الثامن لمعهد الدراسات العليا المغربية في شهر أبريل عام 1933. وفي هذه المسامرات حرص واضح على إبراز أهمية الأدب المغربي قديما وحديثا ،ومكانته من تطور الأدب العربي ،وحاجته إلى النقد والتقويم. «
»وقد حدثت نقلة نوعية في كتابة تاريخ الأدب بصدور كتاب ” الأدب العربي في المغرب الأقصى” سنة 1929 لمحمد بن العباس القباج الذي اقتفى أثر مؤرخي الأدب في الشرق العربي ، فصنف الشعراء المغاربة إلى : قدامى مرتبطين بعمود الشعر شكلا ومخضرمين ،ومحدثين يمثلون عصرهم «.
وبعد ذلك أصدر عبد الله كنون كتابه الهام ( النبوغ المغربي في الأدب العربي ) ، الذي اخترق حدود المرحلة السابقة بتركيزه على “النبوغ” الذي يميز الإنتاج الأدبي المغربي في مجالات الإبداع والفكر.لتكون بذلك فترة العشرينيات والثلاثينيات مرحلة عرف خلالها النقد الأدبي المغربي تحولا من الكتابة التاريخية السياسية إلى كتابة تنصب على تاريخ الأدب المغربي ، ثم على التاريخ الأدبي ،مولية عناية خاصة للظواهر الأدبية والعناصر النصية ، فيكون بذلك كتاب “النبوغ المغربي في الأدب العربي ” إرهاصا حقيقيا للدراسة الأدبية التي بدأت مع سنوات الثلاثين.
ويعتبر كتاب “النبوغ المغربي في الأدب العربي ” من أبرز الكتب التي ألفها عبد الله كنون ، والذي لقي اهتماما كبيرا في صفوف الباحثين والنقاد بل والسياسيين ، سواء من الشرق أو الغرب أو من داخل المغرب. ومن ردود الفعل حول هذا الكتاب ما قاله “شكيب أرسلان” على » أن من لم يقرأه فليس على طائل من تاريخ المغرب العلمي والأدبي والسياسي « وصار هذا الكتاب أيضا مرجعا لكارل بروكلمان يعتمده في ملحقات كتابه عن تاريخ الأدب العربي، كما أقر العالم الإيطالي جيوفاني بيانكي عن الكتاب » إبرازه للمساهمة التي أبداها المغرب في الآداب العربية،تلك المساهمة التي أهملت حتى اليوم ، ولم تقدر كما ينبغي. « كما نجد سعيد حجي يعتبر صدور هذا الكتاب على أنه حادث خطير في تاريخ المغرب، باعتباره أول كتاب من نوعه ، وأوفاه في موضوعه. ولعل خطورته هذه هي التي حملت السلطات الفرنسية على إصدار قرار عسكري بمنع رواجه في منطقة نفوذها ومعاقبة من تضبط عنده نسخة منه، وبالمقابل تلقي الكتاب بقبول حسن في المنطقة الشمالية الخاضعة لنفوذ إسبانيا، وتم اقتناء كمية من نسخه وتوزيعها على المكتبات والمعاهد في المنطقة.
وكان وراء تأليف هذا الكتاب جملة من الدوافع أشار إليها عبد الله كنون في مقدمة الطبعة الأولى لهذا الكتاب ، ومن هذه الدوافع اعتقاده أنه » بتقديم هذا الأثر الضئيل إلى الدوائر العلمية سنزيل كثيرا من التوهم والتضنن في تاريخ المغرب الأدبي وسنرفع حجاب الخفاء عن جانب مهم من الحياة الفكرية لأهل هذا القطر. وسوف ينقضي تجني إخواننا من بحاث الشرق على آثارنا وتحاملهم على آدابنا لأن ذلك لم يكن منهم عن عمد وسوء قصد وإنما هو ارتياء واجتهاد« ذلك أنه » لما كنت أطالع الكتب التي ألفها المشارقة في تاريخ الأدب العربي ، وأنا طالب في الثانوي ، ككتاب زيدان وكتاب الرافعي وغيرهما ، كنت أستشكل ألا يكون للمغرب ذكر في هذه المصنفات ، وكنت أشعر بنوع من الغبن نحو هذا القطر العربي الذي ساهم منذ القدم في بناء صرح الحضارة العربية الإسلامية ، فقد يذكر هؤلاء المؤرخون تونس والقيروان والأندلس ولا يذكرون فاس ومراكش بقليل أو بكثير. هذا الإهمال جعلني أهتم بالموضوع أكثر ودفعني إلى التفكير في رد الاعتبار لأدب وتاريخ هذا القطر. فبدأت البحث والتنقيب وجمعت المادة من المصادر وأغلبها مخطوطة فوجدت نفسي وأنا في المراحل الأولى من البحث أمام أدب جيد لا يقصر في مادته عن الأدب العربي في المشرق. ولما جمعت تلك المادة وراجعتها مرارا وتخيرت منها الجيد صح عندي أن تكون خميرة لوضع دراسة على الشكل الذي وضعت عليه الدراسات الأدبية في المشرق ، وتصبح ذيلا وإلحاقا بتلك الكتب ، فكان لابد أن تأخذ شيئا من منهجيتها «
ومن دوافع تأليف هذا الكتاب أيضا ، ما كان يعانيه المغرب من تسلط سياسة الاستعمار الهادفة إلى تفريق المغاربة وخلق الفتنة فيما بينهم ، في إطار ما يسمى ” بالظهير البربري” الذي يسعى إلى التفرقة بين العرب والأمازيغ وبعث النعرات العرقية بينهم. فكان الكتاب تأكيدا لوحدة المغاربة عرب وأمازيغ ، من خلا التأكيد على نبوغ الأمازيغ في لغة الضاد كطارق ابن زياد وسابق البربري وغيرهم.
وقد صدر هذا الكتاب في ثلاث طبعات وهي كالتالي :
»أ – الطبعة الأولى : وقد صدرت سنة 1938 عن مطبعة المهدية بتطوان في جزءين ، يقع الأول في 260 صفحة ، بينما بلغ الجزء الثاني 440 صفحة ، (…) .وقد اشتمل الجزء الأول من الكتاب على التاريخ السياسي والأدبي ، وتراجم العلماء والأدباء، بينما اشتمل الجزء الثاني على منتخبات من النثر والنظم.
ب – أعيد طبع هذا الكتاب في ثلاثة أجزاء ، بدار الكتاب اللبناني سنة 1961 ، وقد بلغت صفحات هذه الطبعة حوالي 1005 صفحة ، ومن دواعي هذه الطبعة الجديدة ، حسب ما جاء في مقدمتها : ” كثرة الطلب على الكتاب من مختلف الجهات ، خصوصا بعد استقلال المغرب … فإن الحاجة أصبحت جد ماسة ، إلى إعادة طبعه وتقديمه سندا إلى جميع هؤلاء الذين يهمهم الوقوف على تاريخ المغرب الفكري ، وماضيه الحضاري”.
وقد اقتضت هذه الطبعة من المؤلف إدخال تعديلات جوهرية مست محتويات الكتاب ، مادة، وفكرة وترتيبا. فالمعلومات التي كانت لدى المؤلف زمن نشر الطبعة الأولى ، ليست هي المعلومات التي يملكها زمن إعادة طبع الكتاب ، ومن تم شمل التعديل النقط الآتية:
1- إضافة مواد جديدة سواء فيما يرجع إلى تراجم الأشخاص ، أو الآثار الأدبية ، فقد ظهرت كتب مهمة من شأنها أن تغني مادة البحث.
2- تصحيح بعض الأخطاء التي وقعت في كتابة بعض التراجم ، ونسبة بعض الآثار الأدبية لغير من هي له.
3- تحرير بعض الفصول من التأثير السياسي والعاطفي ، الذي كتبت به نتيجة لما كان المغرب يمر به من ظروف سياسية.
4- تحوير في التصميم الذي وضع عليه الكتاب ، فقد فصل في هذه الطبعة العصر المرابطي عن العصر الموحدي ، نظرا لتوفر المعلومات الكافية عنهما. يضاف إلى ذلك تحوير آخر مس قسم المنتخبات ، الذي أصبح جزأين مستقلين ، جزء للمنثور وآخر للمنظوم ، كما أضاف المؤلف إلى هذه الطبعة زيادات تتعلق بنهضة الفنون ، ومشاركة المرأة في مختلف مجالات النشاط الفكري للشعب ، ويشير المؤلف إلى أن ” روح البحث التي سيطرت على الكتاب في طبعته الأولى ، هي التي تتقمصه في طبعته الثانية”.
ج – الطبعة الثالثة : صدرت هذه الطبعة عن دار الكتاب اللبناني ببيروت سنة 1975 ، وتقع في ثلاثة أجزاء ، في مجلد واحد ،وتبلغ صفحاتها حوالي 1045 صفحة ، يقول المؤلف عما جد في هذه الطبعة ” إني راجعت الكتاب ، وصححت بعض الأغلاط المطبعية ، التي وقعت في الطبعة السابقة ، وأعدت تحرير الفصل الأول من عصر السعديين ، واستدركت بعض الآثار الأدبية من شعر ونثر مما وقفت عليه مؤخرا ،وقومت خطأ الفهارس”.«
أما بخصوص موضوع الكتاب فقد حدده عبد الله كنون بقوله : » هذا كتاب جمعنا فيه بين العلم والأدب والتاريخ السياسة ورمينا بذلك إلى تصوير الحياة الفكرية لوطننا المغرب وتطورها في العصور المختلفة من لدن الفاتح الأول إلى قريب من وقتنا هذا؛ فالحركة العلمية وما طرأ عليها من نشاط وفتور ، في جميع العصور ، مبسوطة فيه أحسن البسط ، والسياسة واتجاهاتها التي كانت تتخذها بحسب طبيعة كل دولة مفصلة فيه تفصيلا مستوفى. وهكذا التاريخ بقسميه السياسي والأدبي ؛ ومنه التراجم ، وقد احتوى جملة وافرة من تراجم الملوك والوزراء والقواد والفاتحين والعلماء والأدباء والمتصوفة وغيرهم.
والأدب لا نقول إلا أنه الروح المتغلغلة فيه والحلة التي يبدو فيها للناس بل نقول أننا ما تعرضنا لغيره من الأبحاث الأخرى إلا لنربط حلقات البحث الموصل إلى اكتناه حقيقة ماضينا الأدبي وتجليته على منصة العروس ليشاهده من كان يجادل فيه ومن ثم كان اسم الكتاب ” النبوغ المغربي في الأدب العربي”. «
وقد قسم عبد الله كنون موضوعه هذا إلى ثلاثة أقسام في الطبعة الثالثة للكتاب حيث تناول في الجزء الأول عصور الأدب وقسمها إلى:
عصرا لفتوح: وقسمه إلى خمسة فصول: الفصل الأول عنوانه الفاتحون الحقيقيون، سرد لنا فيه مراحل فتح المغرب على يد عقبة بن نافع ثم موسى بن نصير ، وناقش قضية دخول المغاربة في الإسلام وما شابها من إشكاليات، وبدخول الإسلام إلى المغرب ستلج معه ثقافات أخرى ستؤدي إلى حتمية بديهية هي استعراب المغاربة، وكان حسان بن النعمان الغساني من الممهدين لها بإرسال فقهاء وعلماء يعلّمون الناس وكذلك فعل موسى بن نصير.
عصر المرابطين: تناول فيه ستة أبواب؛ بدأه بسياسة المرابطين القائمة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيرًا على منهج الرسول صلى الله عليه وسلم، فالدولة ذات توجه إصلاحي على اعتبار أنها دولة الفقهاء، وكان عبدالله بن ياسين قائدَ هذه الحملة الإصلاحية وهو الذي قام بإعداد المرابطين لتولي الحكم بعد أن كانوا غارقين في المذهبية والطائفية. فجاء حكم يوسف بن تاشفين الذي وحد العدُوّتين المغرب والأندلس إبان حكمه وعالج عدة إشكاليات وتعلقت به أنظار الناس.
وقام عبدالله كنون في هذا الجزء بدحض التهم الموجهة إلى حكم المرابطين بالدليل؛ فأثبت أنه رغم اعتناء المرابطين بالفقه إلا أنهم لم يعترضوا سبيل العلوم الأخرى، كما أورد إلى جانب ذلك قصة إحراق كتاب إحياء علوم الدين للغزالي، ولم يغادر هذا العصر قبل أن يعرج على قصة المعتمد بن عباد مع ابن تاشفين ولم يلتمس للمعتمد أي عذر لكثرة بكائه أو ما ادعاه.
وذيل هذا العصر بذكر تراجم علماءه وفقهاءه وقضاته وأدباءه، والملاحظ أن هؤلاء العلماء كانوا شاملين لمختلف العلوم تمامًا مثل علماء الشرق والأندلس، لا يقتصرون على علم واحد مثل ابن مرانة الذي كان على علم بالحساب والفرائض والهندسة.
كما ظهرت في هذا العصر عدةُ علوم من نحو وصرف وشعر وكتابة، وكان أمراء المرابطين أسبقَ الناس طلبًا للعلم والتحصيل، بل حتى النساء منهم شغفن بالأدب والشعر مثل تميمة بنت يوسف بن تاشفين، وزينب بنت إبراهيم.ولا أدلَّ على عناية المرابطين بالعلم ،عنايتهم بإنشاء المراكز العلمية مثل الاهتمام بجامع القرويين وإنشاء جامع ابن يوسف ومدرسة الصابرين بفاس.
عصر الموحدين: يسير فيه المؤلف على نفس النهج، فبدأ بذكر دعوة ابن تومرت الإصلاحية الذي حمل عدة صفات تؤهله إلى ذلك فلم يطمع في الحكم، لذلك وجدت دعوته آذانًا صاغية بايعته على الموت، حتى تمكن منه المرابطون وقتلوه، وخلفه عبد المؤمن بن علي، فقامت دولةُ الموحدين شامخة في مرَّاكُش.
ثم أتى على ذكر الحركة العلمية والأدبية في هذا العصر الذي كان امتدادًا لعصر شهد حرية أكبر فأقبل الناس على العلم والتحصيل، واستمر المذهب المالكي حتى مجيء يعقوب المنصور فأحرق مدونة سحنون ونوادر ابن أبي زيد القيرواني والمختصر والتذهيب للبرادعي, وتوسعت العلوم في العصر الموحدي في الحديث والفقه والتصوف والفلسفة وكذلك علم الكلام الذي كان محظورًا في الحكم السابق، أما العلوم الأدبية لهذا العصر فقد ظهرت عدة آراء نحوية وعدة مدارس منها مدرسة فاس وسبتة ومدرسة طنجة، وظهرت عدة منظومات نحوية كالألفية النحوية لابن مُعْط، والمقدمة الجُزُولية لابن موسى الجُزُولي، وظهر علماء يحفظون حُوشِيَّ اللغة، هذا في ميدان النحو، أما في علم العروض فقد لمع ضياء الدين الخزرجي صاحب القصيدة الخزرجية وأبو الجيش الأنصاري، ثم تشجيع الموشحات والأزجال إذ انقطع إلى أمرائها عدد من الوشاحين يمتدحونهم.
ونشأت مدرسة جديدة للزجل عرفت باسم عروض البلد وتطورت أهم الأغراض كالحماسة والحرب والمدح والوصف والوصايا والحكم.
أما في السير والتاريخ فقد وضع في هذا العصر كتاب المعجب في تلخيص أخبار المغرب لعبد الواحد المراكشي، كما ألف كتاب الدر المنظوم في مولد النبي المعظم للعلامة أبي العباس أحمد ….الخ ،ثم اختتم بذكر علوم الحكمة التي راجت في هذا العصر بتراجمهم وآثارهم ومنجزاتهم.
عصر بني مرين: بالرغم من قوة دولة الموحدين وعظم شأنها إلا أنها انهارت أسوة بغيرها وآل الأمر إلى بني مرين، فكان شأن هذه الدولة كسابقاتها، أن أتت من الصحراء طمعا في الحكم وكانت عواملُ قيامها كسائر الدول الأخرى، اعتمادها على المهارة وحسن التدبير.كما أبانوا عن بسالة في الحرب والجهاد. فهم عرب أصليون عادوا إلى إقرار المذهب المالكي وضمت مجالسهم سائر العلماء والأدباء والفصحاء، فأظهروا العناية بالعلم، وتشهد خزانة القرويين التي أنشأها السلطان أبو عنان على ذلك.
وعلى غرار العصرين السابقين، فبعد الحديث عن ظروف الحكم والسياسة ينتقل المؤلف إلى الحديث عن الحركة العلمية التي شابها بعضُ الفتور في مرحلة الانقلاب، لكنها ما فتئت أن عادت تحظى بعناية الدولة وسياستها.بل إن من رجال الدولة وأعيانها من يجلس إلى طلب العلم ومنهم الأدباء والعلماء ومنهم من يناظر الفقهاء.
كما أن العلوم الدينية في هذا العصر توسعت توسعًا كبيرًا؛ فكثرت أصوات الفقهاء، وكثرت مؤلفات الفروع، خاصة بعد مرحلة التضييق في المراحل السابقة ثم سمو مرتبة المشتغلين في الفقه.
أما من الناحية الأدبية فقد وصلت إلى أعلى مراتبها، إذ أن دولة بني مرين عربية صرفة تشجع كل من يعمل على رقي العربية، وهذا ما يفسر كثرة النحويين في هذا العصر مثل ابن آجروم وابن المجراد وابن هانئ وابن المراحل والمكودي وغيرهم.
العصر السعدي: تحدث فيه المؤلف عن سبب قيام الدولة السعدية الذي كان لتحقيق أمنية وطنية،هي تنظيم القوات الجهادية وقيادتها لطرد الأجانب المحتلين لشواطئ البلاد وذلك بطلب من المجاهدين أنفسهم ، وتحدث فيه أيضا عن سياستها. لينتقل بعد ذلك إلى الحديث عن الحركة العلمية في هذا العصر ،التي عرفت في بدايتها نكوصا بسبب الحروب التي خاضها السعديون مع الوطاسيين ، قبل أن تعود الحركة العلمية إلى طبيعتها ، فانتشرت العلوم الشرعية ، خاصة الفقه منها ، كما كان هناك اهتمام كبير بعلم الكلام مجسدا في المناظرات بين العلماء ، كما عرف هذا العصر أيضا طغيان التصوف ، وازدهار علم التاريخ ،وغيرها من العلوم كالهندسة والطب والهيئة ، ثم انتقل بعد ذلك إلى الترجمة لبعض العلماء والمتصوفة ؛ “كسقين” و”القصار”و”أحمد الفاسي” و”السراج”و”ابن عاشر” وغيرهم، وأردفه بعناوين بعض الكتب التي ألفت في ذلك العصر، ليتحدث في الأخير عن الحياة الأدبية في هذا العصر.
العصر العلوي : تحدث فيه المؤلف على غرار العصور الأخرى عن قيام الدولة العلوية على يد المولى محمد بن الشريف بعد صراعه الطويل مع الدلائيين والذي انتهى بتقسيم البلاد بينهما إلى قسمين ، وبعد تولي المولى رشيد مقاليد الحكم قام بالاستيلاء على جل المغرب فوحدها وأخضعها لحكمه ، ليتولى بعده الحكم أبو النصر إسماعيل بن الشريف الذي حارب الأجانب وحرر مجموعة من المدن كالمهدية والعرائش وأصيلا وغيرها ، وهكذا استرسل المؤلف على ذكر السلاطين العلويين الذين أقاموا صرح هذه الدولة. لينتقل بعد ذلك إلى الحديث عن واقع الحركة العلمية في هذا العصر ، بعدما عرفت فتورا بعد وفاة المنصور الذهبي ، فبين فيه اهتمام السلاطين العلويين بالعلم وعلى رأسهم المولى رشيد والمولى محمد بن عبد الله ، حيث عرفت مجموعة من العلوم والفنون ازدهارا كبيرا كعلوم القرآن والتاريخ والعلوم العقلية ، وكذلك الاهتمام بالموسيقى والخط وغير ذلك من العلوم والفنون ، ليتحدث بعد ذلك عن مساهمة المرأة في هذه الحركة العلمية ، ثم أورد بعد كل ذلك ترجمة مجموعة من العلماء والفقهاء منهم “ابن ناصر” و” وعبد القادر الفاسي” و “الروداني” وغيرهم وذيله بالإشارة إلى مجموعة من التأليف التي ألفت في هذا العصر ،واختتم هذا العصر بالحديث عن الحياة الأدبية فيه. التي عرفت انتشارا وازدهارا كبيرا اختتمه بترجمة لمجموعة من الأدباء ” كابن زاكور” و “عبد الله العلوي” و”علي مصباح” وغيرهم.
أما في الجزء الثاني من الكتاب فقد جمع فيه المؤلف منثور الكلام وتلك الآثار التي خلفها الأدباء السالف ذكرهم في الجزء الأول، وجاءت فاتحة هذا الجزء برسالة كارل بروكلمان إلى الشيخ العلامة كنون في 7 رجب 1361.
وأولى النصوص التي ذكرها في هذا الجزء نص للقاضي عياض السبتي جمع فيه بين توحيد الله عز وجل والصلاة على النبي، وتسبيح المهدي بن تومرت والصلاة لعبدالسلام بن مشيش المعروفة بالصلاة المشيشية، والحزب الكبير لأبي الحسن الشاذلي وهو عبارة عن أذكار وأدعية ذات نفس صوفي ونزعة فلسفية لأبي الحسن الشاذلي إلى غير ذلك من النصوص ذات الطابع الروحي والابتهالي، ثم ينتقل إلى سرد الخطب يستهلها بذكر خطبة طارق بن زياد، ثم خطبة إدريس الأزهر التي قالها إثر مبايعته وهو ابن إحدى عشرة سنة، وخطبة للقاضي عياض، وعبد الله بن ياسين ثم واصل بذكر عدة خطب لقادة الدول التي تعاقبت على حكم المغرب، ثم انتقل إلى سرد المناظرات استهلها بالمناظرات الدينية، كمناظرة أبي عمران الفاسي لفقهاء القيروان، وفي الأدب مناظرة مالك بن المرحل لابن أبي الربيع النحوي، وفي السياسة مناظرة المهدي بن تومرت لعلماء مراكش.
والفصل الثالث عنونه بالرسائل وقسمه إلى ثلاثة أقسام: السلطانيات, الإخوانيات، المتفرقات.وتناول في القسم الأول كما من رسائل السلاطين والإخوانيات تتضمن رسائل بعض العلماء إلى بعضهم, وهذا على سبيل الاختصار.أما فن المقامات فقد ذكر فيها من المقامات المغربية مقامة الافتخار لعبد المهيمن الحضري، والمقامة الزهرية، والمقامة الحسابية لبعض أدباء فاس.
ثم يأتي على قسم المحاضرات فافتتحه بمحاضرة عن إدريس الأزهر يحكيها داود بن القاسم بن عبد الله الذي شهد معه بعض غزواته للخوارج الصفرية من البربر يروي لنا بعض طقوسه وشيمه في الحروب. وختم هذا الجزء بالمقالات؛ وذكر فيها مقالات للقاضي عياض وابن بطوطة….الخ.
أما الجزء الثالث للكتاب فقدخصصه عبدالله كنون للمنظوم من الأشعار وافتتحه بقلم الأستاذ حنا فاخوري الذي أثنى كثيرًا على قيمة النبوغ المغربي في صرح الأدب العربي وعلى عبقرية الشيخ العلامة الفذة، واعتبره من أوثق المصادر التي تناولت الأدب العربي من غير تحيز، وعده كنزًا ثمينًا من كنوز العلم، ومصدرًا من أوثق مصادره، وموسوعة مغربية لا يقدرها حق قدرها إلا من لمس النقص في كتب الأدب، ثم يتبع بمقدمة قصيرة للأستاذ عبدالله كنون يشرح فيها كيف انتهى من هذه النصوص، والمنهج الذي اتبعه في تبويبها حسب الأغراض الكلامية.
وأول هذه الأغراض هو غرض الحماسة والفخر افتتحه بقطعة من أربعة أبيات للمولى إدريس الأكبر يخاطب فيها بهلول بن عبد الواحد ثم قطعة لعبد المؤمن بن علي يستنفر بني هلال، وأغلب هذه النصوص هي لحكام المغرب وعلية القوم من الأمراء.
هذه القصائد مختلفة الحجم منها أبيات منفردة وأخرى مقطعات ومنها قصائد طويلة وقصيرة ومتوسطة، نجد مثلا ميمية مالك بن المرحل تتكون من 51 بيتًا على وزن الرجز التام، وملحمة الملزوزي البارعة في ذكر غزوات يعقوب المنصور وهي بائية على وزن الوافر تتكون من 139 بيتا تعتريه عدة زحافات وعلل.
الغرض الثاني الغزل والتشوق والنسيب افتتحه بخمس أبيات لإدريس الثاني وقصائد أخرى لابن القابلة السبتي، وأخرى لأبي بكر بن عطاء السبتي، وقصيدة ابن الحسن بن زنباع، كما ورد في الجزء أبيات للقاضي عياض وللسلطان أبي عنان المريني، ومالك بن المرحل…الخ.
الغرض الثالث هو الوصف افتتحه بقصيدة لأبي الحسن بن الزنباغ يصف الربيع:
أبدت لنا الأيامُ زهرةَ طيبها
وتسربلت بنضيرها وقشيبها

واهتز عطفُ الأرض بعد خشوعها
وبدت بها النعماءُ بعد شحوبها

ونجد أيضًا وصفًا للناقة عند أبي العباس بن غازي السبتي، ونجد وصف الليل والنخيل ووصف المدن والصيد وحياة الصائد في البرية.
الغرض الرابع يتضمن الأدب والوصايا والحكم, فمن أشعار الحكمة المغربية أبيات ليعلى أبي الجبل في الحث على السفر:
سافِر لتكسب في الأسفارِ فائدةً
فرُب فائدةٍ تلقى مع السفرِ

فلا تُقم في مكانٍ لا تُصيب به
نُصحًا ولو كنت بين الظل والشجرِ

فإن موسى كليم الله أعوزه
علمٌ تكسبه في صحبة الخضرِ

وقول القاضي عياض ضده:
تقعد عن الأسفار إن كنت طالبا
نجاةً ففي الأسفار سبع فوائدِ

تشوق إخوان وفقدُ أحبة
وأعظمها يا صاح سكنى الفنادقِ

وكثرة إيحاش وقلة مؤنس
وتبذير أموال وخيفة سارقِ

وللعلامة المكودي قصيدة مطلوبة في السيرة النبوية إضافة لقصيدة أبي حفص العفاسي على منوال لامية العجم على البحر البسيط، وقصيدة مطلوبة لأبي عبدالله الشرقي.
الغرض الآخر هو المدح والتهنئة والاستعطاف؛ ضم هذا الجزء عدة قصائد للقاضي أبي الحسن بن الزنباغ وابن الحبوس في مدح عبد المؤمن وأخرى لابن العباس الجراوي وابن هانئ السبتي مراجعًا لأبي القاسم الشريف عن شعر بعثه إليه من نفس الوزن والروي.
إضافة إلى أغراض أخرى كالمدح والطرف والموشحات والزجل.
وقد اتبع عبد الله كنون في معالجته للعصور الأدبية في هذا الكتاب » طريقة تكاد تكون واحدة ، إذ نجده يمهد عادة للعصر الأدبي بفرش تاريخي مركز ، يهدف من ورائه ، إلى إعطاء القارئ صورة عن التاريخ السياسي لهذا العصر ، وأهم الأحداث التي عرفها ، والحكام الذين كان لهم تأثير في صنع هذه الأحداث ، ثم ينتقل بعد هذا إلى الحديث عن الحركة العلمية ،وإعطاء تراجم لبعض العلماء ، وجرد للكتب المؤلفة في هذا العصر ، مرتبة حسب موضوعاتها ، ويختم بذكر الحياة الأدبية ، وتراجم بعض الأدباء. ونشير إلى أن هذه المنهجية عرفت بعض المرونة من عصر إلى عصر آخر، بحكم الاختلاف الحتمي بين هذه العصور ، فكما أن التاريخ السياسي لا يعيد نفسه ، بالتفاصيل نفسها ، فكذلك التاريخ الأدبي، والثقافي على العموم.
إن عناية المؤلف بعصور الأدب ، تتفاوت من عصر إلى آخر ، وهذا شيء طبيعي ، ما دام التاريخ السياسي والأدبي متفاوتا في الواقع ، وما دامت عملية الانتخاب والاختيار هي المسلك الوحيد الذي يمكن المؤرخ من تقديم مادته إلى القارئ ، وهي عملية تحكمها عدة ضوابط على رأسها الذوق. فمؤرخ الأدب يجد نفسه أمام ركام من الأحداث والوقائع السياسية والأدبية ، عليه أن ينتقي منها ما يخدم موضوعه ، وأن ينبذ ما دون ذلك ، وعملية النبذ والاختيار هذه ، يصعب أن تمر في موضوعية تامة ، بل كثيرا ما تشي بموقفه مما يؤرخ له.
انطلاقا من هذه الاعتبارات ، نجد الأستاذ عبد الله كنون يخصص 76 صفحة للعصر الموحدي ، يليه العصر المريني بـ:56صفحة ، وقد كان محقا في هذا الاهتمام الذي أولاه لهذين العصرين ، بالقياس إلى العصور الأخرى ، فقد عرف الأدب المغربي فيهما نهضة لا مثيل لها ، يليهما العصر العلوي بـ:50 صفحة ، فالعصر المرابطي بـ:42 صفحة فالعصر السعدي بـ:34 صفحة فعصر الفتوح بـ:18صفحة.
ونلاحظ الموقف الذاتي الذي ألمعنا إليه ، في وقوف الأستاذ كنون طويلا عند بعض العصور ، التي تحتاج بعض قضاياها الأدبية أو السياسية إلى تجلية حقائق ،أو تفنيد ادعاءات ، إن في مثل هذا التفاوت بين العصور دلالة على أن المؤلف ينظر إلى عصور الأدب المغربي نظرة لا تخلو من ذاتية. لكننا سنجانب الصواب إن نحن وقفنا عند هذا المستوى من التفسير لهذا التفاوت ، فلوفرة المصادر والوثائق ، أو قلتها وندرتها ، دور حاسم في كتابة التاريخ ” إذ بفقدان الوثائق صار تاريخ عصور متطاولة من ماضي الإنسانية مجهولا أبدا ، إذ لا بديل عن الوثائق ، وحيث لا وثائق فلا تاريخ”.
وهذا ما حدث بالفعل بالنسبة لتاريخ الأدب المغربي فقد بقيت عصور أدبية مغمورة أو كالمغمورة ، لانعدام الوثائق عنها ، وسندرك هذه الحقيقة أكثر إذا ما قارنا بين طبعات الكتاب الثلاثة ، وهي طبعات تفصل بينها مدد زمنية طويلة ، فقد ظهرت الطبعة الأولى للنبوغ سنة 1938 ، والطبعة الثانية سنة 1961، بينما ظهرت الطبعة الثالثة والأخيرة سنة 1975 ، وهذه الفترة الزمنية الطويلة التي تفصل بين الطبعة الأولى والأخيرة ، كفيلة بأن تحمل الجديد إلى ميدان التاريخ الأدبي ،فقد ظهرت وثائق جديدة كانت مفقودة أو في حكم المفقودة ، كما حققت نصوص جديدة ، وقد حدا هذا بالمؤلف إلى أن يعيد تحرير بعض الفصول من كتابه، وأن يوسع بعض العصور بعد أن توافرت المادة عنها ، يقول عن هذا التعليل :
“فنحن لقلة المعلومات التي كانت عندنا عن العصر المرابطي ، أو لضعف استعدادنا في استخراج هذه المعلومات من تضاعيف الكتب والمراجع العامة ، كنا أدمجنا هذا العصر في العصر الموحدي ، والآن وقد توافرت لدينا معلومات قيمة عن المرابطين وعهدهم ، فصلنا عصرهم عن عصر الموحدين”.
ومن النتائج التي ترتبت عن تقسيم الأدب إلى عصور موازية للعصور السياسية ، هذا التطابق الذي نجده بين الأدب والسياسة في كتب تاريخ الأدب التي سلكت هذا السبيل. وفي كتاب النبوغ للأستاذ كنون يطالعنا هذا التطابق منذ البداية حين يقول : “هذا كتاب جمعنا فيه بين العلم والأدب والسياسة “. كما يطالعنا أيضا في تلك المقدمات التاريخية ، التي أصبحت ضرورية كمدخل لفهم الإنتاج الثقافي في كل عصر ، وقد حرص المؤلف فيها على بيان الصلة التي تلربط الساسة ، والأمراء، والحكام بالثقافة والفكر، وذلك بذكر مساهمتهم الفعلية في الإنتاج الأدبي ، وتشجيعاتهم وعنايتهم بالثقافة وأهلها. فقد أصبح الأدب تابعا للسياسة ، فهو قوي إذا قوي السلطان ، ضعيف إذا ضعف ” فالمرابطون لم يكونوا أقل برا بالأدب وأهله منهم بالعلم والعلماء ، وليس أدل على نفي ما يتهمهم به خصومهم في مجافات الأدب ، وعدم الاهتمام به ، من هذه الرعاية الكريمة ، التي أولاها أمراؤهم ، لعلية الأدباء من كتاب وشعراء “. ثم يسترسل في الدفاع عن المرابطين ، ضد من يتهمهم بالبداوة والجهل، محاولا الربط بين نهضة السياسة والأدب في عهدهم.
أما الموحدون ، فتجلت عنايتهم بالأدب ، في شخص أحد أمرائهم وهو عبد المومن ، الذي أكرم أهل الأدب ، ورفع من مكانتهم :
“ففي كل احتفال عيد وغيره ، وفي جميع المظاهر العادية وخلافها، والمقابلات الرسمية والمواقف العامة ، كان يجلس إلى الشعراء ، وما أكثرهم في دولته ، فمن أندلسيين إلى مغاربة إلى أفارقة”.
بل نجد المؤلف يعزو ازدهار بعض الفنون إلى اهتمام ذوي السلطان بها: ” فتقريب الموحدين للوشاحين ، واحتفالهم بهذا الفن من القول ، فيه تشجيع لهم، وتنشيط”أما المرينيون ” فقد ساروا في إقامة مراسم الخلاف على سنن لا حب ، فكانوا يعقدون المجالس للمناظرة والمحاضرة،ويطارحون الأدباء ، ويحاورون الشعراء. أم العلماء ، فلا تسل عن شدة تقريبهم لهم ، واختصاصهم بهم”
وسترسل المؤلف على هذا النهج الذي اختطه لنفسه ، أثناء تمهيده لكل عصر أدبي ، مما يوحي لنا بأن الأدب تابع للسياسة ، متأثرا أشد الأثر بها. وقد بلغت عنايته بهذا الربط بين الأدب والسياسة ، أن خصص كتابا مستقلا ، في تاريخ الأدب ، للأمراء الشعراء في الدول المتعاقبة التي حكمت المغرب ، فلم يكتف هؤلاء الأمراء بتشجيع الأدب ، والإكثار من صلاتهم ، بل إن منهم من قال الشعر وأخذ منه بنصيب«.
يتضح من خلال ما سبق أن الأستاذ عبد الله كنون اعتمد في كتابه هذا نظرية التحقيب الأدبي ، أو ما يسمى أيضا بالنظرية المدرسية ، وليست هذه النظرية » في تاريخ الأدب العربي موغلة في القدم. ذلك أن هذه الدراسة بهذه الصورة المحدثة التي انتقلت إلينا فيما انتقل من أروبا ، جديدة أو تكاد. فقد بدأت في مصر في القرن الماضي ، نتيجة لهذا الامتزاج بالدراسات الأجنبية وثمرة من ثمرات الصلة بالآداب الأروبية. «
والنظرية المدرسية هي نظرية “تقيم درس الأدب على قسمة العصور قسمة تاريخية لا قسمة أدبية. كما تربط الأدب بالسياسة ، ذلك لأنها فهمت التاريخ الأدبي على ضوء النظرية الاجتماعية التي سادت الدراسات الأدبية مع ” تين” في القرن التاسع عشر ، ولكنها لم تتعمق هذا الفهم ، والنظرية الاجتماعية تعنى بالجنس كما تعنى بالزمن وكذلك بالبيئة ، غير أن النظرية المدرسية أهملت من البيئة البيئة الطبيعية ، ولم تستمسك من البيئة الاجتماعية بغير اللون السياسي بنوع خاص. كما تدل النظرية المدرسية إلى جانب هذه المطابقة بين الأدب والسياسة على “التبعية” ، باعتبارها أن الأدب من السياسة بمنزلة الظل. فهو قوي إذا قوي السلطان ، ضعيف إذا تخاذل الملك ، وهو بين بين حين تكون الدولة بين بين ، وتفترض أيضا في قسمة العصور هذا العامل السياسي ، وهي تؤمن بأثره في الأدب وتأثر الأدب به تأثرا انفعاليا سلبيا ، على حين تهمل أمرا مقابلا له وزنه في الدراسة الأدبية ، هو أثر الأدب في السياسة وتأثرها به ، فهي تنظر إلى الصلة من وجه واحد ، ومبدأ التقسيم يؤدي عندها إلى الفصل بين العصور وبين الآداب ، وفي نطاق هذا التقسيم للعصور الأدبية تبني النظرية المدرسية الدراسة الأدبية على أساس زمني وتنسى إلى حد بعيد الأساس المكاني، كما لم تولي اهتماما للنوازع الفردية عند الشعراء حيث اتخذت العصر وحدة فقاست عليه الشعراء، وخطباء ، وكتاب ، فما وافق القياس رضيت به ، وما خالف القياس لم تحاول أن تعنى به، ومعنى هذا أن النتاج الأدبي في هذه النظرية نتاج له طابع عام من وحدة العصر.ولعل ما أوحت به النظرية المدرسية أيضا أنها وقفت بالدراسة الأدبية عند القمم الشامخة في كل عصر ، واتجهت هذا الاتجاه القاصر نحو هذه الأسماء الضخمة لا تعدوها أولا تكاد ، فإذا هي لا تعنى بالمقلين المجودين ، ولا تصغي للأصوات العذبة التي تحيا في أبرجها العاجيات تطل على الدنيا بين حين حين، وإنما تقف عند هذه الأعلام الكبرى.”
و » نستطيع أن نتبين النظرية المدرسية عند ثلاثة من أوائل المؤلفين في الأدب العربي : حسن توفيق العدل ، وأحمد الأسكندري ، وأحمد حسن الزيات. يمثل كل واحد منهم فترة من تاريخ الأدب المدرسي فيكون حسن توفيق العدل في الفترة الأولى، والاسكندري في الفترة الوسطى ، والزيات في الفترة الحديثة .. كما يمثل كل واحد منهم لونا من ألوان الثقافة التي غلبت على الشرق العربي أو مازجته ، فقد درس حسن توفيق في ألمانيا وهو لا شك قد تأثر بهذه الدراسة ، وأفاد منها ، وأضاف إلى زاده العربي زادا جديدا .. واقتصر أحمد الاسكندري على الدراسات العربية ولكنه تمثلها وتعمقها فأحسن تعمقها .. وفتح ما بين الزيات وبين اللغة الفرنسية فأصاب من آدابها وثقافتها. «
وقد عرفت هذه الفترة التي شهدت هيمنة النظرية المدرسية بالمشرق ، نزوع النقد الأدبي المغربي في ” اللحظة الإحيائية” بين العشرينيات ونهاية الخمسينيات » نحو الاستقراء الأولي للظواهر والأعلام وللنصوص الأدبية. ويتجلى الصنيع في وضع المنتخبات والاختيارات الشعرية المغربية ، وفي تبني النقاد والعلماء للأعمال الشعرية الصادرة حديثا بالمغرب عبر تصديرهم لها بالتقريضات والتحليات ، وفي عناية المقالات النقدية منذ أواخر الأربعينيات تقريبا بفني القصة والرواية الوليدين بالمغرب ، وببعض أعلام الرواية الأروبية كـ :ثيربانطيس وبلزاك وفلوبير وأندري جيد… لقد شهدت هذه المرحلة اتساعا أملته الصراعات الثقافية والسياسية المحتدمة بصدد الموقف من اللغة ، ومن الصراع بين القدماء والمحدثين ، ومن النموذج الأنسب للاحتذاء : التقليد الموروث ، أو المشرقي الحديث ، أو الغربي المنقول عبر الترجمة والاقتباس، وبصدد الهوية الممكنة للأدب المغربي. لقد تغذى هذا السجال فكريا من تباين الرؤى والتكوين الثقافي والمرجعي للمساهمين فيه. وتمثل الوازنة والأحكام الذوقية والانطباعية أسلوبا مهيمنا في المقالات النقدية والأدبية خلال هذه المرحلة. إنه أسلوب يلائم الحاجة إلى كتابة تاريخ للأدب المغربي وما يقتضيه هذا التاريخ من اختيار وتحقيب ، ومفاضلة وتبويب وتصنيف ، مثلما يلائم الهدف من هذا النشاط النقدي الوليد والمتمثل في تشييد المقال النقدي ، وإضفاء ” الشرعية” الفنية والجمالية على نصوص الأدب المغربي الحديث تكريسا للهوية الأدبية للمغرب. «
وهذا الاتجاه هو الذي تبلور مع الأستاذ عبد الله كنون خاصة في كتابه “النبوغ” ، ذلك أن الأستاذ عبد الله كنون في هذا الكتاب حاول استلهام الموروث التقليدي ، بالإضافة إلى استلهام تجارب المشارقة التي أخذوها هم أنفسهم من الغرب ، ومن مظاهر تمثل الأستاذ كنون للموروث التقليدي ، اعتماده عملية الانتخاب في تأريخه للأدب المغربي ، وقد خصص للمختارات الأدبية جزأين من كتاب ” النبوغ” ، كما نجدها تتخلل كتبه الأخرى “كأحاديث عن الأدب المغربي” و “أدب الفقهاء” وغيرها من المؤلفات. أما بخصوص تمثله للنموذج المشرقي في النقد في كتابه “النبوغ” ، فإنه يتجلى في منهجية تأليفه لهذا الكتاب ذلك أنه » لما جمعت تلك المادة وراجعتها مرارا وتخيرت منها الجيد صح عندي أن تكون خميرة لوضع دراسة على الشكل الذي وضعت عليه الدراسات الأدبية في المشرق ، وتصبح ذيلا وإلحاقا بتلك الكتب ، فكان لابد أن تأخذ شيئا من منهجيتها. «
وبناء على كل ما سبق ، نستنتج أن الأستاذ كنون في تأريخه للأدب المغربي في هذا الكتاب اعتمد نظرية التحقيب الأدبي التي هي أثر من أثار المزاوجة بين لونين من ألوان التأريخ الأدبي ؛ اللون المتأصل في الثقافة العربية ، كما نجد في الأغاني ، والعقد الفريد ، وصبح الأعشى، وكتب الوساطة ، والطبقات ، والتراجم وغيرها. ثم اللون الذي أرخ الأدب الغربي في أروبا. والأستاذ كنون في تمثله لهذا الأخير ، كان في الحقيقة يأخذه بوساطة المشارقة الذين احتدوا بالنموذج الغربي في الدراسة الأدبية، أمثال حسن توفيق العدل وأحمد الزيات وجرجي زيدان وطه حسين وغيرهم.
إن السياق التاريخي الذي ظهر فيه كتاب “النبوغ المغربي في الأدب العربي” كان فيه المغرب خاضعا للاستعمار الفرنسي والاسباني ، هذا الوضع جعل النقد والإبداع خلال هذه الفترة ينشغل بالقضايا الوطنية والعمل على تثبيت الهوية الوطنية وحمايتها من خطر المستعمر. كما تتميز المرحلة بالحذر الذي يميز العلاقة بين الغرب والمشرق عامة ، والمغرب على وجه الخصوص، هذه العلاقة من طبيعتها أن تلقي بظلالها على مختلف المجالات ، منها مجال الإبداع والنقد ، كما أن الحصار الفكري الذي فرضه المستعمر على المغرب ومنع التواصل بينه وبين بلدان المشرق العربي ،جعل النقد المغربي متخلفا عما يجري في الشرق والغرب لفترة طويلة، ومن طبيعة هذا التخلف أن يراكم على النقاد المغاربة تجارب نقدية متعددة ومختلفة تقتضي منهم وقتا كبيرا لاستيعابها.ولعل في تخلف النقد المغربي وتراكم التجارب النقدية في الشرق والغرب عليه ، ما جعل النقد المغربي في بداياته يكون تابعا ومقلدا للتجارب النقدية المشرقية، ويمثل كتاب ” النبوغ” نموذجا لذلك ، فقد صار الأستاذ عبد الله كنون في هذا الكتاب على خطى مؤرخي الأدب في الشرق ، وقد صرح الأستاذ كنون بذلك كما سبق ذكره.
ولما كان الأمر كذلك ، فإنه لابد في البداية – قبل الحديث عن تجليات المنهج الانسوني في كتاب ” النبوغ” – من التعرف على بدايات الانسونية في المشرق العربي ، على اعتبار أن الأستاذ كنون إنما سيأخذ هذا المنهج من المشرق ، إن كان فعلا قد أعتمده في كتابه ” النبوغ”.
يعتبر أحمد ضيف »أول من أثار على مناهج دراسة الأدب العربي وتدريسه ، واقترح بديلا عن ذلك ، يتمثل في الاقتداء بالأروبيين ، وتطبيق المنهج الجامع بين الذوق والمعرفة بعيدا عن أي تعصب علمي أو مذهبي أو ذوقي ، والاستعانة بالعلوم المساعدة للوصول ما أمكن إلى الحقيقة الصحيحة ، فكان بذلك أول لانسوني عربي من حيث الصلة والدعوة « فهو »أول من أحرز على درجة الدكتوراه في الأدب من فرنسا ، وأول من اتصل تاريخيا بالانسونية عن طريق تتلمذه على أعلامها الأوائل ، وأول من درس النقد ومفاهيم حديثة في الدرس الأدبي في الجامعة المصرية. « ليكون بذلك أول دكتور عربي يتخرج من جامعة السربون سنة 1918 ، بعدما قضى ست سنوات من التلمذة على أقطاب المنهج التاريخي بالاستماع إلى الدروس ومتابعتها.
ومن الأوائل الذين أخذوا بهذا المنهج أيضا نذكر طه حسين الذي علم » بالمنهج التاريخي إبان دراسته في الجامعة الأهلية ، أي قبل دراسته بباريس التي درس فيها المنهج التاريخي البحت على سينيوبوس وغيره من المؤرخين الفرنسيين المحدثين ، ثم عرفه مطبقا في دراسة الأدب والتأريخ عند الأخوين كروازي ولانسون الذي قعد للمنهج التاريخي في دراسة الأدب « . فكانت دعوته سنة 1914م إلى المنهج التاريخي الحديث صريحة ، لما وجد ضالته في هذا المنهج الحديث لإعمال فكره في دراسة الأدب العربي بعيدا عن أي قيد أو تقديس ، فدعا الباحثين إلى العمل به كما فعل هو.
يتضح من خلال ما سبق أن المنهج التاريخي اللانسوني دخل إلى مصر في أواخر العقد الأول من القرن العشرين ، لينتشر بعد ذلك في مختلف بلدان العالم العربي على يد تلاميذ هؤلاء الرواد وتلاميذ تلاميذهم.
ولعل تأثر النقاد المغاربة بما يجري في المشرق العربي ، وبخاصة في مصر ما أدى إلى ظهور مجموعة من الأعمال في مجال الإبداع والنقد خلال فترة العشرينيات والثلاثينيات ، تشكل إرهاصا للدراسة الأدبية التي ستعرف أوج ازدهارها خلال فترة الستينيات والسبعينيات.
وبالتالي ، فالتزام الأستاذ عبد الله كنون ببعض مبادئ اللانسونية في كتابه ” النبوغ المغربي في الأدب العربي” ، سواء كان ذلك بوعي أو بغير وعي ، سيكون بوساطة المشارقة. ومن تجليات هذا المنهج في كتاب “النبوغ” هذا التعريف الذي أعطاه الأستاذ كنون للأدب ، حيث خرج فيه عن التعريف التقليدي الذي سيطر على النقد مدة طويلة ، ذلك ان الأدب عنده يشمل » كل معنى جميل في عبارة جميلة يؤثر في القارئ أو السامع، ويهز مشاعره. وقد استنكر علي بعض الدارسين إدراج بعض النصوص الدينية في كتاب النبوغ كالصلاة المشيشية ، والحزب الكبير لأبي الحسن الشاذلي ، ونصوص أخرى في التحميد والصلاة بدعوى أنها نصوص دينية لا تدخل في المفهوم الصحيح للأدب. غير أن الأمر خلاف ذلك في رأي ، فالناس الذين يقرؤون هذه الدعوات والصلوات يتأثرون بها وينفعلون بها وكذلك الذين يسمعونها ، وهذا هو الأدب فالتأثير هو المقياس «
ومن تجليات المنهج اللانسوني أيضا ، هو هذا النزوع الذي نجده لدى الأستاذ كنون نحو تحقيق النصوص واتخاذها وثائق لرصد الحياة الفكرية والأدبية والعلمية والسياسية للقطر المغربي ، فقد »شغل التحقيق مكانا مركزيا في الدراسة الأدبية عند الأستاذ كنون ، وسار جنبا إلى جنب مع كتابته التي خصصها لتاريخ الأدب المغربي ، وتميزت تحقيقاته بالمقارنة مع بقية المحققين الذين عاصروه بالشمولية والتنوع في موضوعاتها. ذلك أنه حقق كتبا أدبية ، وكتبا تزاوج بين الصبغة الأدبية والصبغة التاريخية ، كما حقق نصوصا لغوية وأخرى دينية. وكان في كل صنف يكيف منهجه في التحقيق مع مادة الكتاب المحقق وموضوعه، وهذه التحقيقات تتراوح بين الكتب والنصوص القصيرة«
ويعتبر كتاب ” قواعد تحقيق النصةص العربية وترجمتها” لمؤلفه “ريجيس بلاشير” بالاشتراك مع المستشرق “سوفاجي” » عمدة الطلاب العرب الذين درسوا بفرنسا ، بعدما كان دروسا متداولة يستقيها خلف عن سلف. فليس من قبيل الصدفة – إذن- أن يعرف ” منهج التحقيق” ازدهارا كبيرا في الوطن العربي ، ابتداءا من عشرينيات هذا القرن ، ليبلغ ذروة عطاءه في منتصف القرن، فحققت نصوص أدبية عديدة ساهمت في نشأة وتطور تاريخ الأدب العربي. وبذلك يمكننا القول أن الكثير من المحققين العرب لانسونيون من حيث لا يدرون ، فهم يطبقون خطوات لانسونية ، وينجزون مرحلة من مراحل العمل اللانسوني «
وإن كان هناك من شيء يتقاطع فيه الأستاذ كنون مع ما حدده لانسون في منهجه فإننا نجد هذه الروح العلمية التي حاول أن يؤلف بها هذا الكتاب ، فقد حاول ما أكن أن يلتزم الموضوعية فيما يكتبه ، ويتضح ذلك مثلا حينما »أشار الأستاذ إلى مثار الخلاف لأول الفتح بين العرب والبربر ، فلم تأخذه العصبية للعرب الذين هو منهم ، بل من أشرف بيوتاتهم ، سبيل المؤرخ الصادق الذي لا يحابي في الحق ، بل المسلم المل بمقتضى شريعته ، الحافظ قوله تعالى (( إنما المؤمنون إخوة)) الراوي حديث رسوله صلى الله عليه وسلم ((ليس منا من دعا إلى عصبية)) فذكر أن مثار النزاع بين الأمتين (يقصد العرب والأمازيغ) كان استبداد العرب بوجوه المنافع ، واستئثارهم بمناصب الدولة من أيام الإمام إدريس رضي الله عنه،فكان هذا الأمر سببا للتنافس بين الفريقين في المغرب «
إن الأستاذ كنون في هذا الكتاب »لم يبق حبيس توجه منهجي واحد ، فقد كان يصدر في تاريخه للأدب عن أكثر من منهج وقد كانت المادة الأدبية ، والوعي بالتحول الذي عرفته هذه المادة في الزمان هو الموجه له في دراسته ، وهو الذي يملي عليه المفاهيم والتصورات المنهجية الجديدة « وهذا ينسجم مع تصوره لمناهج الدراسة الأدبية الجديدة إذ » ليس هناك مانع في أن تكون هذه المناهج وسيلة لدراسة الأدب بدون مبالغة ولا إزراء، وذلك بإدخال قوالب ومصطلحات تزري بأدبنا ، مصطلحات بعيدة عن روح هذا الأدب ، وقد رأيت بعض الأساتذة الدارسين يحللون بعض الأشعار دون أن يفهموا حتى معناها اللغوي (…) لهذا فالقوالب والمقاييس المقتبسة من الغرب تسيء إلى أدبنا أكثر مما تنفعه ، وقد قلت هذا الكلام في المحاضرات التي ألقيتها بمعهد الجامعة العربية ، فيجب أن نضع مناهجنا النقدية على أساس معطيات أدبنا ، ويجب أن تكون هذه المناهج قائمة على روح هذا الأدب « لذلك فالأستاذ كنون يأخذ من المناهج الجديدة ما ينسجم مع طبيعة هذا الأدب ، حيث وظف أكثر من منهج ، فقد اعتمد منهج القدماء في ترجمته لمجموعة من الكتاب والأدباء والعلماء وغيرهم ممن أورد ترجمتهم في الكتاب، بالإضافة إلى توظيفه لنظرية التحقيب الأدبي ، والتزامه ببعض مبادئ الانسونية ، وكذلك استفادته من منهج أخر هو النظرية الإقليمية ، وإن كان توظيفه لهذه النظرية ليس بغرض تميز المغرب عن غيره من البلدان العربية ، ذلك أن»الإقليمية هي الأساس لأني أتكلم على المغرب فقط ، لكن لا أميز المغرب بشيء ، ولا أقول أن الأدب المغربي له خصوصية تميزه عن غيره من الآداب العربية ، لأنه يرقى إلى عهد الفنيقين كما في لبنان أو إلى عهد الآشوريين ، أو شيء من هذا القبيل. فالكتاب تتميم للذي نسيه الآخرون .«

 
أضف تعليق

Posted by في جوان 15, 2011 بوصة Uncategorized

 

أضف تعليق